لماذا يضيء الناس الشمـــوع للموتى؟
تطالعنا في الكثير من الأخبار والأحداث والصور مشاهد العديدين وهم يضيئون الشموع في الصلوات وبعد وفاة أعزاء عليهم او اقرباء لهم.
ما أصل هذه العادة؟ وما معناها؟ وهل هي مجرد تقليد أم أن لها أصولاً دينية واجتماعية؟
معبد أبولو |
إن استعمال الشموع له جذور قديمة للغاية في الكثير من الحضارات ذات الأصول الوثنية وحتى ما قبل المسيحية؛ حيث شاع استعمال الشموع في الشعائر - ومنها حرقها بعد الوفاة - في الكثير من الصلوات الوثنية التي سادت أوروبا ودخلت هذه العادة إلى المسيحية بعدما انتشرت في القارة وإن اكتسبت معنىً دينياً مختلفاً.
ولو أجرينا المزيد من البحث سنجد أن لإضاءة الشموع - مع اختلاف الشعيرة - اصولا في اليونانية والرومانية القديمة حيث كانوا يدفنون الشموع مع الموتى - وهي غير مضاءة بالطبع - وذلك حتى تنير للموتى الطريق إلى الدار الآخرة. كما كان معبد أبولو في الحضارة اليونانية مضاءً دائماً وله كاهنات عذراوات وظيفتهن الوحيدة هي العمل على ابقاء النار مشتعلة في المعبد، حيث لم تكن النار رمزية وإنما نذر للتقرب إلى الآلهة في السماء.
وفي الهندوسية تعتبر اضاءة النار - وليس فقط الشموع - طقساً يومياً له مكانة في كل شعائرهم وطقوس حياتهم، حيث ترمز الأضاءة وبقوة إلى قوى التنوير والأمل والازدهار.
وفي البوذية تعتبر اضاءة الشموع ومصابيح الزيت من الطقوس التقليدية وليس فقط بعد وفاة احدهم؛ حيث تضاء دائماً في معابدهم وصوامعهم قريباً من اوثان بوذا وصوره كتعبير عن الاحترام والتقدير.
وحتى في اليهودية تضاء الشموع ليلة السبت عادة كميلادٍ لأسبوع جديد، وهناك يوم في التقويم العبري يدعى ليلة الأرواح أو Yahrtzeit تُضاء فيه الشموع لمدة 24 ساعة متواصلة لإظهار المحبة والذكرى للموتى.
وحتى في العصور الوسطى كان لإضاءة الشموع معانٍ مختلفة، حيث كان الشمع نفسه يرمز لمريم العذراء وكانت أضواء الشموع هي الدليل إلى السماوات.
وعلى سبيل المثال تلعب الشموع دوراً كبيراً في معظم القداسات والصلوات في المسيحية الكاثوليكية، ففي المعتقدات الكاثوليكية يمثل النور المسيح نفسه كما يدل النص في الانجيل " أنا نور هذا العالم".
ويعتقد البعض أن اضاءة الشموع يعطي رسالة للراحلين بأننا لا زلنا نذكرهم وأنه بامكانهم الرحيل - فضلاً عن التجوال بغير هدىً - إلى منزلهم في الدار الآخرة.
على حين يعتبر بعض المسيحين أن حرق الشموع هي بمثابة صلوات مستمرة للرب والقديسين والموتى على حد سواء.
ويظن البعض أن النار - حتى ولو كانت من مصدر بسيط مثل الشمعة - لها القدرة على فصل أرواح الموتى وطاقة اجسادهم عن عالمها الأرضي وتسهيل انتقالها إلى الدار الآخرة.
وهناك من يؤمن أن انوار الشموع تُرسل اشارة إلى الموتى بأن أهل الأرض لا زالوا يذكرونهم ويحبونهم ويرسلون إليهم بصلواتهم، كما يعتقد في المسيحية ان نور الشموع هو تجسيد بسيط للمسيح نفسه الذي يمثل النور النقي في العالم، ويرسل برسالة حب للموتى لتستكين أرواحهم.