ما هي النصال الجليدية؟ وكيف تتكون ؟

ما هي النصال الجليدية؟ وكيف تتكون ؟

النصال الجليدية،أو القمم الجليدية المدببة، او كما هو اسمها الأصلي Penitents، هي تركيب جليدي يتواجد في المناطق المرتفعة الباردة والجافة فقط. يأخذ شكل نصل (حد السيف ) طويل وقاس ورفيع من الثلج او الجليد، وتكون قريبةً من بعضها على شكل حقولٍ مترامية الأطراف من النصال، و تتجه كل قممها نحو الشمس.

   لمـــــاذا سميت Penitents ؟

كلمة Penitents  هي كلمةٌ اسبانية في الأصل ومعناها ( التائبون ). وقد أُخذت هذه الكلمة نسبةً إلى الاسبوع المقدس الاسباني؛ حيث تركع جماهير التائبين لأداء شعائر التكفير عن الذنوب والتوبة. وعادةً ما يرتدي من ينتمي إلى الأخوية الاسبانية ملابس مميزة لها قبعةٌ طويلة ذات رأس مدبب ( قديماً كانت القبعات ذات لون أبيض لكن اللون لم يعد مهماً في الوقت الحالي ) في شكل مشابهٍ لتلك التراكيب الجليدية التي وجدت لأول مرة في جبال الانديز.

تتواجد عادةً هذه النصال الجليدية أو الثلجية في المناطق الجافة والمرتفعة الباردة مثل منطقة جبال الانديز على ارتفاع يفوق 4000 متر،ويتراوح حجمها بين سنتيمتراتٍ قليلة إلى ارتفاع قد يصل إلى 5 امتار طولاً.

   كيف تتكون الـ Penitents ؟

في البداية كان أول وصف لهذا التركيب هو ما تحدث عنه تشارلز دارون في احدى محاضراته العلمية عام 1835، حيث كان يعبر ممراً بين تشيلي والأرجنتين وكان مغطىً بالنصال الجليدية التي يشاهدها اول مرة. وقد فسر الأمر في محاضرته كما يعتقد السكان المحليون ( حتى الآن! ) بأن هذه التراكيب هي بفعل الرياح الشديدة التي تمر على جبال الانديز .

لكن الحقيقة مختلفة عن هذا …

التفسير ابسط من هذا بكثيرٍ أيضاً…

تحدث هذه الظاهرة كما أسلفنا في المناطق الجافة والمرتفعة المغطاة بالثلوج، حيث يمكن لأشعة الشمس أن تحوّل الجليد إلى بخارٍ مباشرةً دون صهره، أي دون أن يمر بالحالة السائلة وهذا ما نعرفه جميعاً باسم "التسامي".

في البداية عندما يتسامى الثلج الهش الخارجي، ولأن العملية ليست منتظمة - أي ان معدل التسامي ليس متساوياً في جميع المناطق - فإن هناك مناطق يتبخر فيها الجليد بمعدل اسرع من مناطق أخرى، مما يُنشئ أماكن منخفضة أكثر من غيرها في الطبقة الجليدية.

هذه المناطق المنخفضة ذات المنحنيات تركّز طاقة الشمس فيها أكثر وأكثر، وهذا لأن شعاع الشمس ( يُحبس ) داخلها فيتعرض لأنعكاسات متتالية مما يجعلها وكأنها " جسم أسود " يشع حرارة فيما حوله مما يسرّع في معدل التبخر. وهذا يترك وراءه مناطق مرتفعة لم تتعرض للتبخر فتنشأ مشكلّةً قمماً مثل قمم الأشجار في الغابات.

ولا يعتمد تكوّن النصال الجليدية على نسبة رطوية الجو - في حدود 70% - وإنما على درجة الحرارة، حيث لو ارتفعت درجة الحرارة عن -4°س فإن معدل تكوّن هذه النصال يقل بشكل ملحوظ.

كيف انجبت الطبيعة الصخور المتوازنة المهتزة؟

صخور (لوجان) أو الصخور المتوازنة والمهتزة..كيف أنجبتها الطبيعة؟

 

الصخور المتوازنة، الصخور المهتزة، صخور لوجان كما يحلو لبعض الانجليز تسميتها..ما هي، وكيف تكونت، وما أصل هذه التسمية الغريبة؟

ببساطة، الصخور المتوازنة - صخور لوجان Logan Stones - هي تركيب جيولوجي غريب، نجد فيه صخرة متوازنة على صخرة أخرى وتكفي قوة بسيطة - تختلف باختلاف حجم الحجر المعلق العلوي - لجعلها تتحرك ذهاباً وإياباً.

قبل أن نتحدث عن أصل التكوين الجيولوجي، دعونا نعد إلى أصل التسمية.

قبل أن يتبين العلماء سبب التكوين العلمي لهذا التركيب في القرن التاسع عشر، كان الاعتقد السائد أن هذا التركيب الجيولوجي هو بناءٌ قام به كهنة وسحرة إلدرويد القدماء التابعين لديانة السلت المعروفة. ولغرابة هذا التركيب الجيولوجي فقد نُسبت إليه الكثير من القوى الخارقة وفوق الطبيعية خاصة فيما يتعلق بالسحر والساحرات.

كان يقال أن بعض هذه الصخور لا تتحرك إلا في منتصف الليل عند اجتماع الساحرات حولها، وبعض الناس في القرون الوسطى كانوا يعتقدون أنه إذا دققت هذه الصخور تسع مرات فإنك ستتحول إلى ساحر. إحدى هذه الاساطير المدونة أدبياً -  تقول ان هناك عملاقاً قد حمل احد هذه الجلاميد ووضعه بتلك الطريقة حتى يهتز تحته لينام.

كلمة لوجان Logan هي كلمة غريبة على اللغة الانجليزية وأصلها غير محدد بدقة، يُظن أن أصلها هو كلمة Log  بمعنى (يهز)، بينما يعتقد البعض أن للكلمة أصولاً دانيماركية من كلمة Lorge  بمعنى ( يهز ذيله ).

لكن، ما سبب اهتزاز هذه الصخور؟ ما أصل تكوينها؟

هناك عدة نظريات لتفسير أصل هذا التركيب الجيولوجي الغريب؛ أحد هذه النظريات يفترض أن صخور الأرض تعرضت لعمليات تجوية وتعرية بفعل الرياح ومياه الامطار، وبسبب اختلاف كثافة وصلابة طبقات الصخور فإن طبقات الصخور الأدنى - الاقل كثافة وصلابة - تتعرض للنحت أكثر من طبقات الصخور العلوية، مما يُبقي عنقا صغيراً من الصخور لا يلبث ان ينفصل ويتعلق فوق الصخرة الأصلية وتكفي أي قوة بسيطة خارجية لتحريكه وجعله يهتز.

احدى النظريات تشرح علاقة الانهار الجليدية بالصخور المتوازنة.

كانت الكثير من الجبال المعروفة محاطة ومغطاة بالانهار والجداول الجليدية، وعملت هذه الانهار على صقل وتدوير صخور هذه الجبال، ومع مرور الوقت اضمحلت هذه الانهار تاركةً وراءها مئات البرك والبحيرات. وتعتبر صخور اللوجان افرازاً طبيعياً لما كانت تقوم به الانهار الجليدية من تجوية وتعرية لصخور الجبال، وفي بعض الحالات فإن الانهار الجليدية كانت السبب في (حمل) هذه الصخور من مكانها ثم تركها معلقة فوق صخور أخرى في وضع متوازن قبل أن تجف تاركةً وراءها هذا التركيب الجيولوجي الغريب.

بعض النظريات الأخرى المتعلقة بالصخور الهزازة الجرانيتية تتحدث عن عمليات تجوية معينة ( رياح، امطار، صقيع) لصخور الجرانيت، استمرت حتى مرحلة تم فيها فصل بعض الصخور عن الصخرة الأم وأصبحت اي قوة - حتى قوة شخص واحد بالغ - قادرة على هزها وتحريكها حركة الارجوحة الشهيرة.

لكن هذا لا يعني ان كل هذه الصخور التي نراها معلقة هنا وهناك هي من صنع الطبيعة، هناك شواهد تاريخية كثيرة على تدخل الانسان بتحريك بعض الصخور ونقلها من مكان إلى آخر.

لغز " صخور وادي الموت المتحركة "

كيف تتحرك الصخور في " وادي الموت " ؟

لسنواتٍ طوال، حيرت صخور وادي الموت المتحركة العلماء.

وادي الموت هو وادٍ مشهور شرقي ولاية كاليفورنيا الامريكية، يشتهر بأنه اكثر المناطق جفافاً، وحرارة واخفض البقع في قارة امريكيا الشمالية. لاحظ العلماء - والزوار على حد سواء - وجود صخور مختلفة الاحجام - ابتداءً من الحصى وانتهاء بالجلاميد الصخرية العملاقة - تتحرك ببطئ شديد تاركة وراءها مسارات مستقيمة احيانا او مائلة بزوايا احياناً أخرى.

تسمى تلك المنطقة ( Racetrack Playa )، ولعقود كان الجيولوجيون اشبه بمن يطارد شبحاً.

نشر أول تحليل، علمي، للموضوع في عام 1948 واقترح واضعوه أن المسؤول عن تحريك هذه الصخور هو (شياطين الرمال)!، وعلى مر الزمن، اتُهم الكثير بأنهم وراء تلك الحركة غير المفهومة ابتداءً من الشياطين وانتهاءً بقوىً من الفضاء الخارجي وغرباء عن كوكبنا الأم.

وحديثاً، اقترح عالمان امريكيان ان رياحاً بقوة اعصار قد تكون المسؤولة عن تحريك هذه الصخور، لكنها لم تستطع تفسير تحريك جلاميد صخرية تفوق كتلتها الـ 300 كغم في تلك المسارات.

لكن التفسير كان اقرب مما يتصوره أحد…

    سر حركة صخور " وادي الموت " :

المشكلة التي واجهت العلماء أن هذه الصخور قد تمضي عقوداً واكثر دون ان تتحرك قيد أنملة.

نُشرت دراسة عام 2014 أوضحت ان لغز حركة هذه الصخور قد تم حله على يد العالمين جيمس وريتشارد نوريس، تضمنت الدراسة متابعة حركة 60 حجراً باستخدام نظام تحديد المواقع GPS ونظام التصوير الزمني.

قام الدكتور برايان كورن وفريق عمله الجامعي بتجربة محاكاة لمعرفة كيف تتحرك هذه الصخور. أوضحت هذه التجارب ان هذه الحركة تتطلب اجتماعاً نادراً لمجموعة عوامل معاً:

في البداية يجب ان تمتلئ تلك البحيرة الجافة بالماء، ويجب ان تكون كمية الماء كافية لتصنع طبقة طافية من الجليد لكنها ضحلة كفاية أيضا لتبقي جزءاً من الصخور مكشوفاً.

عندما تنحفض درجات الحرارة ليلاً - وخاصة في الشتاء - فإنها تصنع طبقة جليدية عملاقة طافية؛ رفيعة بما فيه الكفاية لتطفو وتتحرك، لكنها سميكة أيضا لتحتفظ ببعض الزخم والقوة لتحرك ما أمامها.

عندما تشرق الشمس في النهار وترتفع درجة الحرارة فإن الجليد يبدأ بالانصهار ويتكسر إلى قطع كبيرة طافية، ويكفي عندها أن تهب رياح خفيفة - او حتى نسيم - لتحرك تلك القطع الجليدية، التي تدفع أمامها تلك الصخور العملاقة تاركةً وراءها ذلك الذيل المستقيم حينا ( لو كانت الصخرة ملساء) والمتعرج المائل ( لو كانت الصخور خشنة ) حيناً آخر ، ويساهم الماء في تقليل قوة الاحتكاك بين الصخرة والارض

كان التفسير اقرب مما يتصور العلماء؛ لأن هذه هي الآلية التي تتحرك بها الجلاميد العملاقة في البحر المتجمد في انتاركتيكا.

يقول جيمس نوريس " كنت مذهولاً بمدى السخرية في كل هذا … ".

ففي منطقة لا يتجاوز معدل الهطل السنوي فيها 5سم طوال العام، نكتشف أن الصخور تتحرك فيها بنفس الطريقة التي تتحرك فيها الجلاميد في المنطقة المتجمدة، الغارقة بالماء.

الهجــــرة المليونيــــة

الهجــــرة المليونيــــة: هجـــرة الفراشـــة الملكــــة

الهجرة السنوية للفراشات الملكية في امريكا الشمالية من الظواهر الفريدة والمميزة في الطبيعة. تتميز الفراشة الملكة بأنها الوحيدة من نوعها القادرة على الهجرة - باتجاهين - كما تفعل الطيور. وعلى عكس أنواع اخرى من الفراشات فإن الفراش الملك لا يستطيع احتمال برودة فصل الشتاء في امريكا الشمالية مما يؤدي إلى موتها، لذا تهاجر نحو اماكن اكثر دفئاً - في جبال المكسيك وكاليفورنيا - حيث الحرارة والرطوبة المناسبين.

وبالاعتماد على الدلائل الطبيعية التي تحيط بالفراش، واتجاه تيارات الهواء والحرارة يستطيع هذا النوع من الفراش قطع ما يقارب 3000 ميل في رحلته نحو موطنه الشتوي!.

    أين تذهب الفراشات الملكية؟

تهاجر الفراشات التي تعيش في الشمال الشرقي من امريكا الشمالية إلى جبال Sierra Madre في المكسيك، بينما تهاجر الفراشات الموجودة في الشمال الغربي نحو ولاية كاليفورنيا الدافئة شتاءً. ولا تستطيع الفراشات السفر إلا نهاراً، لذا تتجمع في مجموعات هائلة ليلاً لتوفر لنفسها الدفء في ليالي الخريف الباردة.

تحاول الفراشات التواجد في المناطق التي يتراوح مداها الحراري شتاءً بين صفر وحتى 15° مئوية، حيث لو انخفضت درجة الحرارة دون هذا المدى فإن الفراشات ستضطر إلى استعمال مخزونها من الدهون لتوفير الدفء لنفسها مما يهدد حياتها. ونسبة الرطوبة في هذه المناطق مناسبةٌ أيضاً لئلا تجف الفراشات فلا تضطر إلى استهلاك طاقتها.

   ما العلامات التي تساعد الفراشات على الهجرة؟

ما زالت الدراسات جارية في هذا المضمار لمعرفة محددات الهجرة الرئيسة لطريق الفراشات، لكن ما اتضح حتى الآن مزيجٌ من البوصلة المغناطيسية الأرضية وموقع الشمس في السماء، لكن لا شيء دقيق وواضح حتى الآن.

   تجمعــــات الفراشــــــات :

تتجمع الفراشات في مستعمرات هائلة طلباً للدفء، حيث تستطيع عشرات الآلاف من الفراش الملك التجمع على شجرة واحدة!. وعلى الرغم من أن وزن الفراشة الواحدة لا يتجاوز الغرام الواحد، إلا ان عشرات الآلاف منها تزن الكثير. وعلى الرغم من هذا فإن شجر الشوح - وهو احد أنواع الصنوبريات موطنه جبال وسط وجنوب المكسيك - لديها القدرة على حمل مثل هذه الاوزان، ولكن هذا لا يمنع تكسر بعض الأغصان والفروع.

بينما تستعمر عشرات الآلاف من الفراش الملك مناطق كاليفورنيا التي لها مناخ مشابه لمناخ المكسيك، وذلك على أشجار الصنوبر، والكينا، والسرو.

عندما تهاجر الفراشات فإنها تتوجه عادة لتقضي الليل في نفس الأماكن في كل مرة تهاجر فيها، ولذا، وبسبب الأنشطة البشرية والتدهور البيئي المستمر فإن الكثير من هذه المواطن قد تم تدميره، مما يهدد حياة الفراش الملك ويقلل اعداد الفراشات التي تنجو لتصل موطنها الشتوي كل عام...

 

أصابع الموت الجليدية.. ما هي؟

أصابع الموت الجليدية.. ما هي؟

 ما هي الـ Brinicles ؟

 

البرينيكلز Brinicles (كلمة مشتقة من Brine بمعنى محلول ملحي، وiclce  وهي الكتلة الثلجية المتدلية) أو ما يطلق عليه أصابع الموت الجليدية هي تركيب ينشأ تحت المياه في المناطق الباردة جدا مثل القارة المتجمدة، حيث تتسبب البرودة في تجمد مياه البحر، مما يدفع الشوائب والأملاح خارج الماء - وهذا يفسر ان الجليد اقل ملوحة بكثير من ماء البحر المكوّن له - مكوناً أنابيب جليدية تحت سطح الماء المتجمد قد تصل إلى القاع.

اكتشفت هذه الظاهرة في ستينيات القرن الماضي، ولم تفسر بشكل مقبول حتى عام 1971، وكان أول تصوير لها قد قدمته هيئة الاذاعة البريطانية الوثائقية في فيلم الكوكب المتجمد عام 2011.

شكل وتركيب أصابع الموت الجليدية:

تشبه اصابع الموت عند تكوينها أنابيب جليدية ممتدة تحت سطح الماء والتي قد تصل - تحت ظروف مواتية  - إلى قاع البحر.

عندما يتجمد الماء فإنه يُخرج الأملاح والشوائب منه، مما يجعل الماء المحيط به أكثر ملوحة وبالتالي اعلى كثافة.ولأن درجة تجمد الماء المالح اقل من درجة الانجماد الاعتيادية فإن هذا يمنع المحلول الملحي هذا من التجمد السريع.

Hydrothermal Vents

ينغمر المحلول الملحي حتى يصل إلى ماء اكثر دفئاً في الاسفل، يتجمد الماء حول المحلول مكوناً أنبوبا جليديا هشا، ولكن بسبب التيار الملحي المستمر  فإن هذا الجليد يستمر في النمو ويزداد سمكه وهذا يمنعه من الانصهار بفعل التماس مع مياه اكثر دفئاً.

هذه العملية تشبه - ولو بطريقة عكسية - ما يسمى Hydrothermal Vents ، وتعد هاتان الظاهرتان مثالين على ما يسمى "بالحديقة الكيميائية" حيث تستخدم نفس العملية لانتاج أنابيب من بلورات المواد المختلفة لها اشكال تشبه النباتات المتفرعة.

عمليــــــــــة التكـــــــــــوين :

عملية تجمد الماء المالح تتسبب في تغيير جوهري في الماء؛ حيث تخرج معظم الاملاح والشوائب من الماء، لذا، فالثلج المتكون من ماء البحر يكون مسامياً يشبه الاسفنج، وهذا يختلف عن الثلج الصلب نوعا ما المتكون من الماء النقي.

وكما اسلفنا، تدفع بلورة الماء الاملاح والشوائب خارجاً، فيصبح الماء المحيط بالثلج أكثر ملوحة. هذه العملية تخفّض من درجة تجمد الماء - المالح -وتزيد من كثافته. وهذا يعني ان الماء المالح لن يتجمد مباشرة ويتحول إلى جليد بل سينغمر نازلاً إلى الاعماق. ولهذا، تنشأ قنواتٌ صغيرة للغاية من شقوق في الجليد النقي يندفع من خلالها المحلول الملحي هذا - البارد جداً، جداً - إلى الخارج (تسمى القنوات الملحية).

الآن: عندما يصل هذا المحلول الملحي البارد للغاية إلى الماء غير المتجمد - الأكثر دفئاً بطبيعة الحال - يتسبب هذا في تحويله إلى ثلج وتستمر عملية تكوين الثلج. اذا تركزت القنوات الملحية في منطقة معينة ما، صغيرة، هذا يسبب خروج المحلول الملحي كتدفق صغير محدد من التيار، ولأنه كما اسلفنا شديد الملوحة فإنه لا يتجمد عند درجة الانجماد المعتادة.

وكما يتصاعد الهواء الساخن باشكال مميزة فوق النار، فإن الماء المالح ينحدر بعد تلامسه مع الماء غير المتجمد بأشكال مشابهة تشبه الريشة المتفرعة، وهذا يتسبب في تكوين الثلج على الاطراف حول الماء المالح مكوناً ما يعرف بالبرنيكلز؛ أنابيب ثلجية حول ماء فائق البرودة، فائق الملوحة.

عندما يصل هذا الأنبوب المتجمد قاع البحر يكوّن ما يشبه الشبكة الجليدية، والتي يعلق بها أي شيء في القاع، كنجوم البحر وقنافذ البحر، وهذا يتسبب في تجمدها حتى الموت، وهذا هو السبب في أن اتخذت هذه الظاهرة هذا الاسم سيء السمعة " أصابع الموت الجليدية".

عندما يصبح الثلج سميكا بما فيه الكفاية فإنه يمنع الماء المالح من النفاذ إلى الخارج وبالتالي ان ترتفع درجة حرارته، وهذا هو السبب في استطالة الانبوب الجليدي كثيراً.

ما هي أزهار الصقيع Frost Flowers ؟

ما هي أزهار الصقيع Frost Flowers ؟

أزهار الصقيع هي بلورات جليدية تنمو وتتكون عادة على الجليد البحري حديث التكوّن أو على الأسطح الجليدية الرقيقة للبحيرات في الأجواء الباردة، والهادئة. تشاهد عادة على شكل قطع لا يزيد قطرها عن 4سم. ويكون تركيز الأملاح فيها مرتفعاً جداً مقارنة بماء البحر العادي او المحيط، ولأن التوتر السطحي لها مرتفع أيضا، فإن هذا كفيل باطلاق المركبات الكيميائية التي تحويها هذه إلى الجو عندما تتلاشى.

كيف تتكون أزهار الصقيع :

تتكون زهور الصقيع على الطبقة الجليدية الرقيقة المتكونة على سطح البحر، وبالتحديد عندما يكون الجو المحيط بالطبقة الجليدية هذه أبرد بكثير من الجليد الذي يعلو الماء. وعلى الأقل لا يجب أن يقل فرق درجة الحرارة بينهما عن 15° - وهذا الرقم يقل كثيراً في حالة الأجواء المشبعة بالرطوبة - .في هذه الظروف تتكون طبقة من البخار فوق المشبع فوق طبقة الجليد مباشرة ناتجة عن تسامي الجليد في طبقة الهواء الجاف والبارد المحيط بها؛ حيث يؤدي تلامس طبقة البخار الرطب الدافئ هذه مع طبقة الجليد الباردة  لتحويلها إلى طبقة بخار فوق مشبعة باستطاعتها تكثيف البلورات على سطح البحر المتجمد بشكل معين.

في العادة تأخذ البلورات شكل أزهار  - شجرية - عندما تكون الرياح ساكنة تقريباً. فعندما تكون الرياح شديدة فإن طبقة البخار المشبه تتبعثر مبتعدة عن السطح الجليدي.

لا يختلف شكل أزهار الصقيع المتكونة على أسطح البحيرات عن الصقيع العادي المتكون على أغصان الأشجار والاسلاك واسطح المنازل، لكنها تأحذ شكلها المميز عندما تتكون فوق أسطح البحار، حيث تكون ملوحتها 3 أضعاف ملوحة ماء البحر العادي.

وكما أسلفنا، تتكون عادة على الأسطح الجليدية الرقيقة خاصة في المناطق القطبية، حيث تكون فروقات درجات الحرارة واضحة وبيّنة. وعندما تصبح الطبقة الجليدية على سطح الماء سميكة جداً تنخفض درجة حرارتها كثيراً لتصبح مقاربةً لدرجة حرارة الهواء المحيط بها، فلا تتكون أزهار الصقيع أصلا. وهذا يعني أنها تتكون فقط في الأيام الأولى لتكون الطبقة الجليدية على سطح الماء.

تؤكد الدراسات الحديثة وجود صلة وثيقة بين طبيعة الجو القطبي في تلك المناطق وبين وجود أزهار الصقيع؛ حيث أن تلاشي أزهار الصقيع بعد تكونها يزيد من تركيز بعض المركبات الكيميائية مثل أحادي اكسيد البروم وكمية الأوزون في الجو وحتى نسبة جزيئات الملح المعلقة في الهواء.