لماذا تمتلك القطط هذه العيون ( غريبة ) الشكل؟
تمتلك القطط واحدة من اكثر العيون تميزاً وغرابةً في عالم الحيوان: فبدلاً من أن تمتلك بؤبؤاً دائرياً مثلما الحال مع البشر، فإن الجزء الأسود في مركز عينيها يشكّل ما يشبه الشق العمودي، مما يجعله سريع التكيف وسهل التحكم مثل غالق الكاميرا تماماً. لكن، لماذا تمتلك القطط هذه العيون المميزة؟
توضح دراسةٌ تم نشرها في آب من عام 2015 في مجلة العلوم المتقدمة بعد تحليل 214 نوع مختلف من الحيوانات البرية أن شكل البؤبؤ وحجمه يتحكم في كمية الضوء الداخل إلى العين - وهذا شيء معروف لدى الجميع - وبعدها يترجم الدماغ هذا الضوء إلى صورة للمحيط الذي نراه من حولنا. وفي الظلام يتمدد البؤبؤ ويتوسع ليسمح لأكبر كمية من الضوء بالدخول لتساعدنا على الرؤية، والعكس يحدث عندما تكون الأجواء مشرقة؛ حيث يصغر البؤبؤ ليحمي العين من فرط حساسية الضوء.
عيون القطط ليست استثناءً من آلية الرؤية هذه، لكنها تفعلها ( ببراعة ) أكبر.
تقترح هذه الدراسة أن الشق العمودي في عيون قطط المنزل الاليفة وغيرها من الحيوانات المفترسة يسمح لعضلات عينيها بمدىً أوسع من الحركة وبالتالي ادخال كمية أكبر من الضوء إلى العين.
الشقوق الطولية في عيون القطط - وعلى عكس البؤبؤ الدائري - تسمح بإحداث تغيرات هائلة في حدود التوسع والتضيق في حجم البؤبؤ، وهذا يتضمن أن بؤبؤ عين القطط قد تصل فيه التوسعات إلى حدود 135 - 300 ضعف، بينما بؤبؤ عين البشر لا يستطيع التوسع بأقصى من 15 ضعف فقط.
ولأن القطط كائنات ليلية ومعظم أنشطتها تكون أثناء الظلام، فإن هذا الشكل يمنحها ميزةً متقدمة أثناء عمليات الصيد؛ حيث تستطيع عندها القطط ان تفتح بؤبؤها على اتساعه فيتحول من شكله العمودي إلى شكل دائري تماما في اقصى حدود التوسع مما يسمح لأقل شعاع من الضوء بالدخول متيحاً لها الرؤية في الليالي المظلمة، ويسمح للبؤبؤ أيضا بأن يضيق ليصبح شقاً عمودياً رفيعاً ليس إلا في الصباحات المشرقة.
وبعكس الإنسان الذي يمارس معظم نشاطاته نهاراً فإن بؤبؤ العين البشرية ليس مضطراً للتعامل مع الاختلافات الواسعة في الضوء الساقط على العين.
وعلى الجانب الآخر هناك مجموعة كبيرةٌ من الحيوانات مثل الماعز والغزلان والأحصنة تمتلك أعيناً ذات بؤبؤ مشقوق عرضياً!. وفي الدراسة التي أشرنا إليها استطاعت برامج المحاكاة الكمبيوترية التوصل إلى أن هذا الشكل يمنح الحيوان رؤية شاملة Panoramic View حتى عندما يخفض الحيوان رأسه أثناء تناول الطعام.
في البداية تحتاج هذه الحيوانات العاشبة إلى تحديد مصدر الخطر من المفترسات، والتي تأتي سيراً على الأرض بطبيعة الحال، ولهذا فإنها بحاجة لمجال رؤية شامل يغطي الأرض المحيطة وبأقل قدر من النقاط العمياء.
وما تحتاجه تالياً - بعد تحديد مكان المفترس - هو تحديد النقطة التي ستفر منها أو إليها، وهذا يعني أنها بحاجة لرؤية موسعة حتى للمناطق التي تقع في زاوية العين البعيدة.
توصل فريق البحث أن البؤبؤ المشقوق أفقيا يحدد كمية ضوء الشمس القادم من الأعلى، وهذا يمنح الحيوان قدرة أفضل على رؤية الأرض. وقد وجد الفريق أيضا أنه حتى كرة العين في مثل هذه الحيوانات لها القدرة على الحركة لتحافظ على بؤبؤ العين في مستوى ً متوازٍ مع سطح الأرض .
وهناك بعض الحيوانات التي تمتلك بؤبؤاً عمودي الشق مثل التماسيح والأفاعي، يعتقد العلماء أن هذا الشكل يمنحها القدرة على تحديد مكان الفريسة بدقة.
وهذه الدراسة تفتح باب التساؤلات أمام العلماء والجماهير على حد سواء لأنها لا تنطبق على جميع المفترسات، أو على جميع العاشبات، لكنها تبقى قطعة صغيرة في حل هذه الأحجية الكبيرة.